” الزواج زواج الأرواح، لا زواج الأجساد، فهناك من ترتدي فستانا أبيض، وهناك من تعرف أنّ الكفن أبيض كذلك، وحتّى الموتى يغسّلون ويعطّرون قبل سفرهم إلى البيت الآخر، بل هناك شعوبا من يزيّنون موتاهم، دون أن ينسوا وضع الورود في أيديهم وعلى قبورهم، تلك الطبيبة عجرت أن تداوي نفسها وتدعي أنّها تداوي الآخرين، فأيّ طب هو ذا وأيّ مهزلة أخذت من حياتها سبعا من السنين، وفي البيت المقابل شاب كانت أبواق السيارات رصاصات تنخر جسده وزغاريد الفرح زغاريد على روحه التي تحتضر، والزمن ينظر لقلبين التقيا في طريق الأمل، أحبّ بعضهما فتعاهدا أن يمشيا فيه متوجهين إلى أرض الحقيقة، لكنّهما لم يكونا يدريان أنها ستفرّق بينهما…

زفت أميرة، هدئت الأصوات وعاد السكون مجددا، من يراقب هيثم اليوم هل سيتأخر كعادته ولو لم يفعلها أياما…لا أظن ذلك…وهل سيواصل حياته وحيدا…لا أعتقد ذلك…فالحياة لا تقف عند حدث ولا حادث، ولا تقف عند هدف، والأهم أنّ الحياة لا تقف عند شخص، مع أنّي أشك في الأخيرة.

بَكَتْ عَيْنِي وَحَقَّ لَهَا بُكَاهَـــا

يَا عَيْنُ عَلَى حَرِّ الدَّمْعِ فَاشْهَــدِ

فَارَقَتْنِي مَنْ قُلْتُ فِي هَوَاهَـا

وَفَخْرِي بِكِ كَفَخْرِ بَنِي هَاشِمٍ بِمُحَمَّد