” انفتحت المجالات المعرفية في العقود الأخيرة انفتاحا رهيبا، دأبت إلى إعادة هيكلة نظم معرفية سابقة، وإنتاج نظم جديدة، أزاحت حقولا معرفية عن قمة تربعها واستبدلتها بأخرى، وأبقت على بعض الحقول التي أخذت حيزا مجاورا تتفاعل مع غيرها تتقاطع وتتعايش حين اعتمدت على التعددية بدل الأحادية، وعلى الإمكان والاحتمال بدل الثباتوالسيميائية من المناهج التي تقوم على كشف الإجراء الضمني في اللعبة اللفظية، واللعبة المرئية، بعد اختراق الحدود الفاصلة بين اللفظي وغير اللفظي، هذا الاختراق حولنا من عصر ”اللغة” كنظام تركيبي يعتمد على البنية، إلى عصر ”الصورة ” في النظام السمعي البصري، وينتج الانتقال من الفعل ”كلغة” إلى الصورة في السمعي البصري، حينما يُخيّم الصمت ليُنهي الكلمات المتبادلة في الخطاب، تتوقف حينها الصورة المتحركة كأنها تنغلق في إطار، في لحظة يهدأ كل شيء، يتحدّد الفضاء، وتنحصر مساحة الحدث في الزمكاني ويصبح أشبه بالرسم؛ كلوحة فنية شخصياتها ساكنه، زمنها متوقف أو منعدم، أمكنتها ثابت، كل شيء يصبح صامتا، يتحول الفعل من الحركة إلى السكون، ويتحول السياق من الكتابة إلى اللون، ويتحول المجال من السرد إلى الرؤية، ويتحول الموضوع من الفعل إلى صورة”